لا نتحمل المسؤولية عن الكلام المنشور في مواقع أخرى

أحمد الكبيسي ينصح الزاني أن يقول للزانية تزوجتك قبل خلع ملابسها .. دقيقة 8

المفسد أحمد الكبيسي محب الرافضة ناشر عقيدة المعتزلة

من بلاوي مفتي سوريا ::: المفسد أحمد بدر الدين الحسون

المفسد العلماني أحمد بدر الدين الحسون ::: مفتي سوريا قبل وبعد تشيعه اسمع الكذاب

مؤتمر ماردين

السبت، 19 ديسمبر 2009

قراصنة الأدب والفكر بقلم الدكتور عبد الرحمن العشماوي


قراصنة الأدب والفكر

"اقتحم عليَّ مكتبي" ... نعم إنني أسمِّي تلك الطريقة التي دخل عليَّ اقتحاماً ، لأنه لم يستأذن ، ولم يسلِّم ، بل دخل فجأة ، قائلاً ، أنا ما أتيتك مسلِّماً ، ولا معبراً عن إعجابي بما تكتب ، ولكنني جئتك معبراً لك عن ضيقي بكل حرف تكتبه ، وبكل بيتِ شعر تصوغه ، أنت لا تكتب شعراً ، إنما تكتب مواعظ وتنظم نظماً ، إنك تشكِّل عائقاً من عوائق الأدب الحديث الذي يحاول أن يتخلَّص من قبضة الأشكال القديمة ، والأفكار القديمة ، أرجوك أن تتوقف ، أن تريحنا من نظمك ، ونثرك ، وأفكارك التي تريد أن تعيدنا بها إلى القرون الأولى ، نحن يا صاحبي في القرن العشرين ، لعلك لا تعرف ذلك ، أنت لست بناثرٍ ولا شاعر، هذا ما أردت أن أقوله لك . كان ثائراً ، غاضباً ، في احمرار وجهه دليل على بركان من الغضب ، كان يرسل حممه كلمات قاسيةًً غاضبة ... لقد فاجأني حقاً ، وأثار غضبي ، وأشعل في داخلي شعوراً عارماً بالضيق والتبرُّم مما قال ، شعوراً كاد يحملني على أن أكيل له الصاع صاعين ، ولكنني تمالكت ، واستطعت أن أفتح للصبر نافذةً هبَّ منها نسيم الهدوء على قلبي ..

كنت أتأمل ملامحه وحركة يديه ، فأرى أنني أمام مراهقٍ حانق ، نعم ، لقد قدَّرت سنَّه بما لا يتجاوز الثامنة عشرة وانتصرت على ثورة الغضب ، وأصغيت إليه حتى أتمَّ كلامه ، أتمَّه والانفعال ما زال يملك عليه مشاعره .

قلت له بهدوء : اجلس حتى نتحدث ..

قال لي : لن أجلس ، ماذا تريد أن تقول لي ؟ أنا لا أريد أن أسمع من أمثالك ! أنتم ليس لديكم إلا المواعظ ، الإسلام ، الإسلام ، كل شيء تقولونه ، تدخلون فيه الإسلام ، أسألك سؤالاً صريحاً ، ما علاقة الإسلام بالأدب ؟ الإسلام صلاة وصيام وما شابهها ، والأدب شيء آخر ، الإسلام قيد ، والأدب لا يقبل القيد ، بل إني أسألك سؤالاً أكثر صراحة : ما أهمية الإسلام لنا في هذا الزمان ؟ أنا لا أرى له تلك الأهمية التي تتحدثون عنها !

هنا شعرت بأن أعماقي تغلي ، وبأن الغضب قد ملك عليَّ جوانب نفسي ، لابد من الردّ بقسوة وعنف لا هوادة فيها ، لقد تجاوز الأمر الأدب والشعر ، وأصبح يمس الدين والعقيدة ، ألا فليذهب الاتزان والهدوء إلى غير رجعة ، كان يتحدث وأنا أفكر في الطريقة التي أبدأ بها في الردِّ عليه ، هل أبدأ بالصراخ في وجهه المحمرِّ الغاضب ، أم أبدأ بلطمة قوية تعيد إليه وعيَه !! ........

لم أسمع في حينها صوتاً آخر في نفسي يناديني إلى الهدوء ، بل كنت أصغي إلى أصوات صاخبة تقول لي : واجه هذا الشاب الطائش بما يستحق ، لم تكن لديَّ عصا ، لا بأس ، يمكن أن يقوم العقال الذي يحيط برأسك مقام العصا ، حقاً أصبحت في تلك اللحظة مهيَّـئاً للمعركة وأني لفي تلك الحالة إذا ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء " الله أكبر ، الله أكبر " .

ما أروع هذا الصوت ، لقد انسكب في عروقي عبر مسامعي راحة ً وهدوءاً " الله أكبر " من كل هذه الأوهام التي ينطق بها الفتى المسكين ، وشعرت في لحظتها بشفقة عليه ، وانتقلت من حالة الغضب الشديد ، إلى حالة الحرص على إنقاذ هذا الفتى الذي يتلاعب به الشيطان ..

قلت له : اجلس يا أخي ، لقد سمعت كلامك ، فأعجبني فيك صدقك في نقل ما تشعر به دون كذبٍ ولا تزويق ، أنت رجل صريح في عصر فقد فيه الصراحة ، وأصبح الناس فيه – غالباً – يبطنون ما لا يظهرون ، أنت فتىً صادق ٌفي التعبير عن نفسك ، وكفى بهذه الصفة دليلاً على اتفاق مخبرك ومظهرك .

-الحمد الله – لقد قرأت آثار المفاجأة على وجهه ، نعم فوجئ الفتى بهذا الموقف المتسامح ، بل شعرت أنه قد أصيب بقدرٍ لا بأس به من الحياء ، وبعد تردُّد جلس قائلا ً :

نعم ، ماذا تريد أن تقول ؟

قلت له : أريد أن أعرف اسمك أولاً ..

وسكت قليلا ًثم قال : عبد الله بن .... ، وبادرته بعد أن سمعت اسم عائلته بقولي : ما شاء الله أنت من عائلة طيبة ، وأعرف منها أشخاصاً طيبين منهم الأستاذ " فلان " ..

وما إن ذكرت اسم ذلك الرجل ، حتى ثارت ثائرته ، وقال بشدة : هذا معقَّد !، ولم أناقشه فيما قال فقد فهمت أن في حياته مشكلة ً قد دفعته إلى هذا الانحراف .

قلت له مبتسماً : يا عبد الله أنت تعيش في مجتمع تختلف مشارب الناس فيه فلا تظن الناس جميعاً مثلك لابد أن يحتمل أهل الوعي غيرهم ممن هم أقلّ وعياً .

كنت أتابعه بنظري ، لقد انفرجت أسارير وجهه ، لاشك أنه فوجئ ، كان يظن أن موقفي سيكون على غير ما يرى ، بل إنه عبر عن ذلك بقوله :

على أي حال أنا آسف إذا كنت قد تحدثت معك بانفعال .

قلت له : لا عليك ، يهمني الآن أن تشعر بأنك أمام أخ لك يريد أن يناقشك فهل أنت مستعد ؟

قال : نعم .

قلت له : سنشرب الشاي ولكن بعد الصلاة .

قال : لا أستطيع الصلاة .

قلت له : لماذا لا تحاول ، ما الذي يمنعك من ذلك ؟

لم يزد على أن قال : أنا أستأذنك الآن وسوف أعود إليك بعد الصلاة .

قلت له مبتسماً : لابد أن تعود فإني وكوب الشاي في انتظارك .

بعد صلاة العشاء بقليل جاءني ، كان هادئاً هدوءاً عجيباً قال لي : عذراً أشعر أنني قد أسأت الأدب معك .

قلت له : لا تفكر في هذا الأمر ، إني أعذرك حقاً ، ولا أجد في نفسي عليك شيئاً .

كنت – لحظتها – أسائل نفسي ، يا ترى ماذا كان سيحدث لو استجبت لصوت الغضب ؟

قلت لصاحبي : هل أنت مستعد للمناقشة ؟

قال : نعم ، وابتسم ، وشرب الشاي وبدأت المناقشة .

بدأت معه بموضوع الأدب والشعر :

سألته : هل قرأت لي كثيرا ؟

قال : بعض القصائد.

قلت : كم قصيدة قرأت ، عشر قصائد ، عشرين ، ثلاثين ..

قال : كلا ، بل لا تتجاوز اثنتين أو ثلاثا ، أنا لا أرضى أن يضيع وقتي في قراءة شعر لا يعبر عن روح العصر !

قلت له : أنت فتى صريح وصادق ، أسألك : هل يكفي ما قرأته لإصدار هذا الحكم العام الذي ذكرته ؟

بعد لحظة صمت قال لي :

إن أستاذي في الأدب والنقد في الجامعة قد كفاني هذه المهمة لقد أكد لي أن شعرك لا يعبر عن روح العصر ، وأنه نظم لا يرقى إلى منزلة الشعر ، وأنا واثق برأي أستاذي .

قلت له :

ألست صاحب عقل وتفكير ، أليس جديراً بمثلك أن تطَّـلع على الشيء بنفسك لتصل إلى الحقيقة دون رتوش ؟ ألم تقل إنك ابن القرن العشرين ، قرن التفكير والعقل ، فأين عقلك إذن ، أليس جديراً بك أن تقرأ شعري ثم تقول لأستاذك نعم ، أو لا ؟

قال بعد صمتٍ قصير : بلى ..

وأهديته ديوانين من شعري واتفقنا على اللقاء بعد شهر لأسمع رأيه فيما قرأ ، وقبل أن أودعه قلت له : هل يمكن أن أسألك سؤالا آخر؟

كانت نفسه قد هدأت ، وصدره قد انشرح لقد كُـسر حاجز الوحشة فيما بيننا وشاع جوٌّ من الأُلْفةِ التي ظهر أثرها على ملامح وجهه الوسيم .

قال لي : نعم ، إني مستعد للإجابة عن كل ما تريد ..

قلت له : هل عندك شك في الإسلام ؟

غام وجهه من جديد ، بل اربدَّ وعلتْه سحابة دكناء ، لم أعقِّب على سؤالي بكلمة ، كنت أنتظر جوابه بفارغ الصبر ، وكنت أرجو أن يقول " كلاَّ " يا ليته يقولها ..... إن كلمته التي قالها قبل قليل عن الإسلام قد ملأت نفسي بالأسى والوحشة والحزن العميق ، ألم يقل في لحظة انفعال : "ما أهمية الإسلام لنا في هذا الزمان ؟" يا له من سؤالٍ خطير ، يا للحسرة , ليس الفتى من أدغال أفريقيا ، ولا من أطراف العالم الذي لم تصل إليه رسالة الإسلام ، كلا ، إنَّ الفتى من بلاد الإسلام ، نشأ في أسرة مسلمة محافظة ، يا ترى من أين جاءته هذه اللـَّوثة المدمِّرة ، إني لأرجو أن يكون انفعاله وغضبه هو الدافع لقول تلك الكلمة ، أرجو ألا يكون لها جذور في عقله .....

قال بصوتٍ واهن : أصدقك القول : نعم عندي شك في الإسلام !!

أصابني هول المفاجأة ، أو بَهْتَةُ الموقف ، نعم ، هكذا ينطلق بها لسانك يا عبد الله ، بكل سهولةٍ دون تردُّد؟!

كان صوتي خافتاً ، وكانت عباراتي محمَّلةً بقدرٍ كبير من الحزن والشفقة على هذا الفتى المخدوع ، لقد أحسَّ الفتى بذلك ، ولهذا بادرني قائلا : أرجوك ألاَّ تغضب منَّي ، إني أصارحك ، لا أستطيع أنْ أكذب عليك .

قلت له من أين جاءك هذا الشك ؟

سكت قليلا ثم قال : من مناقشاتي مع بعض المثقفين ، ومن قراءتي لكتب دلَّني عليها بعض أساتذتي وأصدقائي ، لقد نشأت في ذهني أسئلةٌ كثيرة من خلال تلك المناقشات والقراءات عن الكون والعلم والدين والعقل ، إن الغرب يتطوَّر بشكل مذهل مع أنه لا دين له ، ولا يعترف بالإسلام ، أما عالمنا الإسلامي فهو يعيش حالة التخلُّف والذلِّ ما فائدة الإسلام إذن ؟!

قلت له : يا عبد الله .. هل يُطبَّق الإسلام في عالمنا الإسلامي تطبيقاً صحيحاً ، هل يتصل عالمنا الإسلامي بالله اتصالاً حقيقياُ ؟

توقف قليلاً ثم قال : كلا .

قلت : فما ذنب الإسلام إذنْ ، ولماذا نستقرئ القضية هذا الاستقراء الناقص ، ولماذا لا نفتح آفاق التفكير الصحيح في هذا الموضوع ؟ أنت يا عبد الله تعاني من مشكلةِ إلغاء عقلك ، والتفكير بعقول الآخرين .

بدا على وجهه أثرٌ لاضطراب كبير وصراع نفسي خطير ..

قلت له : هل يمكن أن أعرف أسماء بعض من تقرأ لهم ؟

يا للهول ، لقد ذكر لي عدداً من الأسماء ، كل اسمٍ منها كفيل بتدمير أمةٍ بكاملها ، إنها أسماءٌ لامعة لقراصنة الفكر والأدب في عالمنا الإسلامي ، سعيد عقل ، جابر عصفور ، محمد أركون ، أدونيس ، غالي شكري ، إن عقل "عبد الله" لقاصرٌ حقاً عن مواجهة الأوهام والشبه والشكوك التي تثيرها أقلام هؤلاء .

وسألته سؤالاً حاداً صارخاً : من الذي دلّك على هذه الأسماء يا عبد الله ؟! وبعد صمت ليس بالقصير قال لي : ليس مهماً أن أذكر أسماء من دلَّني ، المهم أنني مستعد للمناقشة .

قلت له : قبل المناقشة لابد من التوازن ..

قال : ماذا تعني بالتوازن ؟

قلت : أن تقرأ بعض الكتب التي تمثـِّل الاتجاه الآخر ، والتي تشرح جوانب هذه القضية ، وتبيـِّن بعمليَّةٍ واستقصاء خطأ الأفكار التي يطرحها "العلمانيون" والمتسكّعون في دروب الفكر المنحرف .

وافترقنا على أن نلتقي في اليوم التالي لأعطيه بعض الكتب .

لقد كانت تلك الليلة مثقلةً بالهموم والتفكير ، والتساؤلات .

يا ترى إلى متى تظلُّ هذه الأقلام الحاقدة الملحدة تكتب عن الإسلام ؟ مَنْ الذي يحمي شباب الإسلام نساءً ورجالاً من ضلالات المضلِّين ؟ .. إنَّ بذر بذرة الشك في نفوس شباب الإسلام من أخطر وسائل تدمير الأمة ، ثم أين الأسرة المسلمة التي تتابع أبناءها بأسلوب تربوي ناجح ، أين أبو عبد الله هذا وأقاربه ، أين رجال الصحوة عن أمثاله ؟!

بل أين إحساس بعض الأساتذة الذين يشحنون عقول الطلاب بمثل هذه التُرَّهات ؟

أين إحساس القائمين على بعض الصحف والمجلات ، الذين يروِّجون لأفكار أولئك المنحرفين ونصوصهم البعيدة عن جادَّة الإسلام ؟

يا لها من أسئلة مؤلمة ، ويا له من جرح ٍعميق !!

وفي اليوم التالي جاءني عبد الله قبل الموعد المحدَّد وحمدت الله كثيراً إنَّ هذا دليل على انشراح صدره ، واستعداده لسماع الرأي الآخر .

قال لي : إني أعتذر إليك حقاً .. لقد استعرضت البارحة ما جرى لي معك في أوَّل لقائنا فشعرت أنني أسأت إليك .

قلت له : لا تضخِّم الأمر إني سعيد بمعرفتك .

وأعطيته بعض الكتب منها : «الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية» لأبي الحسن الندوي ، و «العرب والإسلام» لأبي الحسن الندوي أيضاً ، و «تهافت العلمانية» للدكتور عماد الدين خليل ، و «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» لأبي حسن الندوي ، و «ورقة في الرد على العلمانية» للدكتور محمد يحيى ، و «الله سبحانه إنكار الكافرين دليل وجوده» للشيخ محمد متولي الشعراوي ، و «الإسلام والحضارة الغربية» للدكتور محمد محمد حسين ...

قلت له : هذه مكتبة صغيرة أهديها إليك ، لا أطالبك بقراءتها كلِّها ، لكني أقترح عليك بعضها ، وأعطيك مهلة شهرين نلتقي بعدها للمناقشة .

قال لي متحمّساً : بل يكفيني شهر واحد ، أنا مدمن قراءة ، أقرأ في اليوم ما لا يقل عن عشر ساعات .

وقبل أن ينصرف قلت له : هل لي أن أقترح عليك اقتراحاً آخر .

قال : نعم ، أنا مستعد للتنفيذ .

قلت له مبتسماً : هكذا مستعد للتنفيذ مباشرةً حتى لو كان الاقتراح لا يعجبك !

ابتسم وقال : نعم .

قلت له : يا عبد الله أنت مسلم ، إن إسلامك نعمة كبيرة من الله عليك ، ومن حق الله على عبده المسلم أن يطيعه ، إن في الأرض ملايين الحيارى التائهين يبحثون عن حقيقة " روحية " تريحهم من ظلمات الإلحاد والضلال والشك ؛ إن الإسلام هو طريق النجاة ، فكيف ندعو الناس إليه إذا كنا نحن –أهله- متشككين فيه ؟!

يا عبد الله : أقترح عليك أن تبدأ بخطوةٍ في الطريق ، أن تؤدي الصلاة التي فرضها الله عليك ، أنت صاحب إرادة ، ومثلك قادر على التنفيذ ، تأكد أن الصلاة ستنقلك نقلة ً كبيرة إلى عوالم مضيئة من الراحة واليقين ، وستفتح آفاق ذهنك لفهم المعاني التي تتضمّنها الكتب المهداة إليك .

وجلس عبد الله على المقعد بعد أن كان واقفاً ، قال لي : تقترح اقتراحاً : يا له من أسلوبٍ رائع تعاملني به ، إني أعرف لذَّة الصلاة ، لم أتركها إلا منذ أربع سنوات ، لقد تعرَّضت لأشدِّ أصناف العقاب من أبي ، والتأنيب من أمي ، والكلمات الجارحة من بعض أقاربي ، من أجل الصلاة ، ومع ذلك لم أزد إلاّ نفوراً !

وسكت ثم دسَّ وجهَه في راحتيه وأخذ يبكي ، نعم كان بكاءً شديداً ، وغامت عيناي فرحةً ببكائه ، إنَّ دموعه هذه ستغسل ما ران على قلبه ، يا إلهي أشكرك ، إنَّ الفاصل بين الضلال والهداية حاجز نفسي إذا زال ، تبدَّدت الأوهام .

اللهم لا تحرمني من أجر هداية هذا الفتى ، ورفع عبد الله رأسه وقال : أنا مستعد لتنفيذ الاقتراح ..

ولم أناقش عبد الله بعد شهر ، لأنه جاء إليَّ وقد غسل عن قلبه أدران الشك وعن ذهنه أوزار الأباطيل .

قال لي : أنا الآن عبد الله بن " ........" رجعت إلى ساحة الحق بعد رحلةٍ مضنيةٍ مع الأوهام ....

قلت له مبتسماً : ما رأيك في شعري ؟

قال : أنا لست ناقدا حتى أقوَّم شعرك ، ولكني أخبرك أنني قرأت بعض قصائدك أكثر من مرة لأنني وجدت فيها ما يعبّر عن نفسي ...

قلت له : وأين تذهب برأي أستاذك الذي تثق به ؟

قال : لقد أعجبتني كلمة قلتها لي في لقائنا الأوَّل ، حين سميت أصحاب الأفكار المنحرفة بـ" قراصنة الأدب والفكر " إن أستاذي واحد منهم .

قلت ، وأنا أشعر بالفرح لما أرى من حال عبد الله ، وأشعر بالأسى حزناً على عشرات الشباب سواه ممن يتعرضون لأساليب التشكيك والتضليل :

حسبنا الله على " قراصنة الأدب والفكر "!

بقلم : عبد الرحمن العشماوي

الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

عقيدة ابن سينا بنظم الإمام ابن القيم وشرح العلامة ابن عثيمين رحمهما الله

عقيدة ابن سينا بنظم الإمام ابن القيم وشرح العلامة ابن عثيمين رحمهما الله







قال الإمام ابن القيم رحمه الله


في النونية


:






فصل في كلام الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله


:


وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا*** للمسلمين بإفك ذي بهتان


فرآه فيضا فاض من عقل هو الـ*** ـفعال علة هذه الأكوان


حتى تلقاه زكي فاضل*** حسن التخيل جيد التبيان


فأتى به للعالمين خطابة*** ومواعظا عريت عن البرهان


ما صرحت أخباره بالحق بل*** رمزت إليه إشارة لمعان


وخطاب هذا الخلق والجمهور بالحـ***ـق الصريح فغير ذي إمكان


لا يقبلون حقائق المعقول إ***لا في مثال الحس والأعيان


ومشارب العقلاء لا يردونها*** إلا إذا وضعت لهم بأوان


من جنس ما ألفت طباعهم من الـ***ـمحسوس في ذا العالم الجثمان


فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ... ـسيم وتخييل إلى الأذهان


ولذاك يحرم عندهم تأويله ... لكنه حل لذي العرفان


فإذا تأولناه كان جناية ... منا وخرق سياج ذا البستان


لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ... بالكذب عند مصالح الإنسان


والفيلسوف وذا الرسول لديهم ... متفاوتان وما هما عدلان


أما الرسول ففيلسوف عوامهم ... والفيلسوف نبي ذي البرهان


والحق عندهم ففيما قاله ... أتباع صاحب منطق اليونان










قال الشيخ العلامة العثيمين في تعليقه على النونية


:


"


بسم الله الرحمن الرحيم ،


هذه القطعة حكى فيها المؤلف -رحمه الله- قول الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله،


الفلاسفة جمع فيلسوف ،


وهو كلمة يونانية مأخوذة من [فَيل] و [سوف]


وفيل بمعنى: محب،


وسوف بمعنى: الحكمة


أي : محب الحكمة ، هذا الفيلسوف عندهم


.


أما القرامطة


فهم أتباع القرمطي المشهور بالإلحاد


.


هؤلاء يقولون :


إن كلام الله -عز وجل- هو فيض يَفيضه العقل الفعال ، والعقل الفعال عندهم هو : علّة الموجودات كلها ،


لأنهم لا يقرّون بالخالق ، يقولون: هذه الموجودات لها علّة فاعلة ، علّة معقولة ، لا محسوسة ؛


هذه العلة فاض منها فيض على نفسٍ زكية قابلة لهذا الفيض ،


فانطبع هذا الفائض من العقل الفعال في قلب هذا الرجل الزكي ،


وإنما قالوا هذا -يقول ابن القيم- مصانعة للمسلمين ،


لأنهم يدّعون الإسلام ، وليسوا كذلك ؛


و


قد صرح شيخ الإسلام وابن القيم بأن ابن سينا كافر ، ليس من المسلمين


،


وإن كان مقدساً عند القوميين العرب وأشباههم مما لا يقيمون للدين وزناً ، ولا للعقيدة اعتباراً ،


فهو عندهم مقدس ، حتى إنهم قد يُسمّون بعض المدارس باسم هذا الرجل ابن سيناء مع أنه كافر!!


والكافر لا يجوز أن يُنوه باسمه إطلاقاً ، بل يدفن ويقبر ،


و إذا كان له من دعاية أو نشر كتب مضلّة فيذكر على سبيل الذم لا على سبيل المدح


.


اسمع ما يقول مصانعة للمسلمين


:


يقول:


# فرآه فيضا فاض من عقل هو الـ*** ـفعال علة هذه الأكوان


العقل الفعال الذي هو علّة هذه الأكوان:


يعني العلة التي بها حدثت الأكوان ، وليس هناك رب -والعياذ بالله- بل هذه الأكوان حدثت بعلّة


.


# حتى تلقاه زكي فاضل*** حسن التخيل جيد التبيان


يعني به: الرسول ، النبي ، تلقى هذا الفيض ، زكي فاضل ، صفي العقيدة ، حسن التخيل ، جيد التبيان ،


يستطيع أن يعبر ببيان جيد فيقول: هذا الكلام رب العالمين !!!


.


# فأتى به للعالمين خطابة*** ومواعظا عريت عن البرهان


ما لها برهان ولا أصل إلا هذا الفيض الذي فاض من هذا العقل ، كما يدعون


.


ثم قال:


# ما صرحت أخباره بالحق بل** رمزت إليه إشارة لمعان


.


قال أيضاً


:


هذا الكلام الذي أتى به هذا الزكي لا يريد بالقرآن ظاهره ،


بل المراد به إشارات خفية يعجز عنها عامة الناس ، و لا يعرفها إلا الخواص منهم.


يقول


:


# خطاب هذا الخلق والجمهور بالحـ***ـق الصريح فغير ذي إمكان


.


يقول: لو أنهم خوطبوا ، وأُريد بالخطاب صريح ما يدل عليه ، فإن هذا ممتنع ، لماذا؟


قال لأنهم:


لا يقبلون حقائق المعقول إ***لا في مثال الحس والأعيان


.


يقول: هذا القرآن الذي فاضه العقل على نفس هذا الزكي ، هذا له معاني ظاهرة ،


ومعاني باطنة مشار إليها إشارة ، لا يفهمها الخلق والعوام ،


لأن الخلق والعوام هؤلاء لا يفهمون إلا الشيء المحسوس ،


أما الشيء المعقول فإنهم لا يدركونه ، ومحال أن يدركوه ، فالعوام لا يفهمون إلا المحسوس ،


ولهذا قال:


# لا يقبلون حقائق المعقول إلا في مثال الحس والأعيان ،


يعني


إلا إذا جُعل على صورة شيء محسوس ومعاين ، فالجنة والنار ، وما فيهما من عذاب ونعيم ،


كل هذا ليس هو المراد ، غير مراد هذا ،


لكن صوّر للعامة بصورة المحسوس من أجل أن يقبلوه ويفهموه ، المراد بالجنة وما أشبه ذلك شيء آخر ،


كل هذا تخييل وليس بحقيقة .


# ومشارب العقلاء لا يردونها...


من الذين لا يردونها؟


عامة الخلق ، مشارب العقلاء لا يردونها؛لأن مشارب العقلاء لمن؟ للعقلاء ،


أما العامة الهمج الرعاع فهؤلاء لا يمكن أن يردوا هذا ، فتضرب لهم الأمثال المحسوسة رمزا إلى أمور معقولة ..


# إلا إذا وضعت لهم بأوان....


سبحان الله ! تمثيل عجيب ، يعني ما يستطيع أن يشرب من الحوض والنهر ،


لكن إذا جئت له بماء في آنية استطاع ،


فيقول


:


إن المعقولات التي ترمز إليها هذه الكلمات ، هذه لا يَرِدُها العوام ،


إنما يَرِد العوام الأشياء المحسوسة التي يدركونها بحسِّهم.


# من جنس ما ألفت طباعهم من الـ**ـمحسوس في ذا العالم الجثمان


# فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ... ـسيم وتخييل إلى الأذهان


يعني أن هذا الذي جاءت به الرسل من كلام الله ، ما هو إلا شيء تخييل للأذهان من أجل تقريبه على العامة ،


وإلا فحقيقته غير ما يدل عليه اللفظ .


قال:


# ولذاك يحرم عندهم تأويله ...


يعني لا يجوز أن يفسر للعامة بالمعاني المعقولة المرادة! لماذا؟!


لأن العامة لا يستطيعون أن يفهموا هذا ، ولا يقبلون إلا ما شهد به الحس ،.


لكنه حل لذي العرفان ..


من ذو العرفان؟!


علماؤهم الفلاسفة ، هؤلاء فسره لهم بالمعنى المراد ، أما العامة لا ،


نأتي بمثال:


الحج هو: قصد مكة لأداء المناسك،هم قالوا: لا ؛ الحج أن تقصد المشايخ الأولياء ، تطلب منهم المغفرة ، ومسحةٍ يمسحونك بها تكون سعيداً إلى يوم القيامة ، هذا الحج .


الصيام: التعبد لله بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .


قالوا : لا ! ليس هذا الصيام ، الصيام: أن تكتم أسرارنا ولا تخبر بما وراءنا ،


لأن الصيام مشتق من الإمساك ! أمسك : أسكت لا تعلّم نريد أن نملي عليك كل شيء من البلايا ،


ولكن صم ، صم يعني رمضان أم..؟


صم عن هذا الكلام لا تخبر به أحد .


طيب الصلاة هي: عبادة ذات ركوع وسجود مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، هذي الصلاة عند المسلمين ؛


قالوا : لا الصلاة أن تعرف أسرارنا ، لأن الصلاة من الصلة ، فهي أن تكون ذا صلة بنا ، وتعلم أسرارنا ، فالصلاة بداية ! والصيام نهاية !


صل يعني: تعلم أسرارنا ، صم : يعني اكتمها ، هذي الصلاة والصيام عندهم ؛ يا جماعة ! : الصلاة والصيام معروف عند المسلمين ، قال: لا هذا إسلام العامة ، أما نحن فإن الكلمات عندنا رموز لمعاني لا يفهمها العامة!.


يقول


:


# فإذا تأولناه كان جناية ... منا وخرقَ سياج ذا البستان


.


يعني لو تأولناه عند العامة كان هذا جناية ؛ لأن من شروط التنسك عندهم أن تكتم أسرارهم ،


ولهذا العبادة عندهم على مراحل ، أظن عشر مراحل ، ينزلها الإنسان مرحلة مرحلة حتى يصل إلى الغاية.


ثم قال


:


لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ... بالكذب عند مصالح الإنسان


.


يعني قيل لهم: إذا كان الأمر كما قلتم ، فما تقولون في ما جاءت به الرسل؟!


الرسل جاءوا للناس ،


وقالوا


:


هذي الصلاة وهذي الصيام وهذا الحج ، وقالوا: هناك جنة ونار ، وعذابٌ ونعيم ؛


قالوا


:


هذا كذبٌ ، كلّه كذب ، ما فيه جنة ولا نار ولا نعيم ولا عذاب ولا شيء أبدا ،


لكن هذا كذب ، كذب به الرسل من أجل المصلحة! ،


أعوذ بالله ، كذب للمصلحة؟!!


قالوا


:


نعم ،


لأن الناس إذا قيل لهم: افعلوا كذا ، قد لا يستجيبون ،


إذا قيل: لا تفعلوا كذا ، قد لا ينتهون ؛ لكن إذا قيل لهم :


إن فعلتم كذا أسكناكم جنة فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر على البال ، وش يفعلون ؟ يفعلون أم لا ؟ يفعلون.


إذا قيل لهم : إن خالفتم أسكناكم نارا فيها من العذاب كذا وكذا ينتهون ، فالرسل كذبوا من أجل المصلحة! من أجل المصلحة!


كما تقول للصبي


:


افعل هذا أعطيك حلاوة ، ولا تفعل هذا فأكويك بالجمرة ، وِش يقول الصبي؟!


يفعل الأول ، ولا يفعل الثاني ، مع أنه ما هو بمعطيه حلاوة ، ولا هو كاويه بالجمرة !،


فهذا -والعياذ بالله- هذا رأيهم في الرسل : كذبوا عند مصالح الإنسان!.


قال


:


# والفيلسوف وذا الرسول لديهم ... متفاوتان وما هما عِدلان


الفيلسوف و الرسول متفاوتان ، بينهما فرق عظيم وما هما


عدلان ، أما الرسول- هذا الفرق-


# أما الرسول ففيلسوف عوامهم ... والفيلسوف نبي ذي البرهان


أعوذ بالله ، يقولون : الرسل هؤلاء رسل العوام ، رسل العوام! ،


أما الفيلسوف الذي هو فيلسوف عندهم ، فهو نبي ذي البرهان !!


هذا النبي الحقيقي ،


أما ذاك فهو رسول العوام ،


هل تريدون أيها الأخوة أكفر من هذا ؟!! أبداً]


هذا أكفر من كفر اليهود والنصارى


لاشك ، إذا كانوا يقولون


:


الرسل : محمد -عليه الصلاة والسلام- ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ،


هؤلاء رسل عوام كذابين ما صدقوا ، والفلاسفة عندنا هم الأنبياء ،


هم الذين يتلقون من العقل الفعال ! ، ويأتون بما فيه الخير.


قال


:


# والحق عندهم ففيما قاله ... أتباع صاحب منطق اليونان


.


يعني : لا في ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-..))اهـ.







هل ابن سينا والفارابي ملاحدة أن مسلمين ؟؟!!؟؟

 هل ابن سينا والفارابي ملاحدة أن مسلمين ؟؟!!؟؟



هل ابن سينا كافر، أو أنه رجع في آخر حياته ؟ ــ إجابة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله


هل ابن سينا كافر، أو أنه رجع في آخر حياته ؟ ــ إجابة الشيخ عبد العزيز الراجحي :


ابن سينا من الفلاسفة المتأخرين، ويسمونه المعلم الثالث،


والمعلم الأول: أرسطو


والمعلم الثاني: الفارابي


والمعلم الثالث: ابن سينا


وأرسطو هو أول من ابتدع القول بقدم العالم، وأن العالم قديم، وخالف الفلاسفة الذين قبله،


وكان الفلاسفة قبل أرسطو يعظمون الشرائع والإلهيات، ويثبتون وجود الله، وأن الله فوق العرش،


والعالم حادث خلقه الله، ومنهم أفلاطون شيخ أرسطو


فلما جاء أرسطو ابتدع القول بأن العالم قديم، يعني: قديم كقدم الله، لم يخلقه الله بمشيئته، وقدرته،


ولم يثبت وجودًا لله إلا من جهة كونه مبدأ عقليًا للكثرة، وعلة غائية لحركة الفلك فقط.


##


يقول: مبدأ الكثرة هو الله، وهو الذي يحرك الفلك،


وهو - أي أرسطو- أول من وضع علم المنطق - حروف المنطق –


ثم جاء الفارابي وتوسع في علم المنطق، وصاروا يسمونه المعلم الأول،


و


هو


لم يثبت وجودا لله


،


ولا للملائكة


ولا للكتب


،


ولا للرسل


،


ولا لليوم الآخر،


وللقدر


.


ملاحدة !!


،


ثم


جاء أبو علي بن سينا


يسمونه المعلم الثالث،


فحاول أن يجمع بين الفلسفة والإسلام،


وأن يقرب الإسلام من الفلسفة،


لكن محاولته الشديدة لم تصل إلى ما وصلت إليه الجهمية الغالية في التجهم،


فالجهمية أحسن منه،


وأصح مذهبًا من مذهب ابن سينا


مع أن الجهمية الغالية في التجهم ما يثبتون شيئًا لا الصفات ولا الأسماء


.






فلما جاء ابن سينا من محاولته أثبت وجودين


،


قال: هناك وجودين


:


وجود واجب، ووجود ممكن،


وجود واجب وهو وجود الله،


ووجود ممكن وهو وجود المخلوق،


لكن وجود الواجب ليس له اسم ولا صفة، ولا علم، ولا قدرة، ولا سمع،


ولا خلق الخلق بقدرته


،


بل هو وجود مطلق في الذهن، هذا من محاولته التقريب إلى الإسلام


.


أما الفارابي وأرسطو


ما أثبتوا شيئا أبدا، ما أثبتوا وجودين،


لكن هذا في محاولته التقريب،


ثم الملائكة ما أثبت أنهم ملائكة بل أثبتهم على أنهم أشخاص، وأشكال نورانية، ليسوا ذوات،


ولا تصعد وتنزل، لا بل هم أشكال نورانية،


وإذا تقربوا إلى الإسلام قالوا: عبارة عن أمور معنوية، القوى العقلية التي تبعث على الخير


.


و


الكتب


قالوا: فيض؛ أي معنًى يفيض من العقل الفعال على الرجل العبقري


،


و


الرسول رجل عبقري،


فيه صفات من توفرت فيه فهو نبي: قوة الإدراك، قوة التخيل والتخييل، وقوة التأثير


.


وهذه الصفات ممكن يحصل عليها الإنسان بالمران والخبرة،


ليست هبة من الله، بل هناك الفلسفة أعلى من النبوة،


كثير من الفلاسفة لا يرضى بمرتبة النبوة،


يقول: النبوة ليست منزلة عالية، بل هي منزلة هابطة، هناك شيء أعلى منها وهي الفلسفة،


فالنبوة فلسفة العامة، والفلسفة نبوة الخاصة، ونبوة الخاصة أعلى من نبوة العامة،


ولا يثبتون اليوم الآخر، ولا البعث، ولا النشور، ولا الجنة، ولا النار، ولا الشرائع، ولا الحلال ولا الحرام.


يقول


:


هذه الرسل أمثال مضروبة لتفهيم العوام، الرسول رجل عبقري يُفَهِّم الناس؛


يقول: هناك جنة ونار وبعث وحساب، حتى يتعايش الناس بسلام،


وحتى لا يعتدي أحد على أحد، وإلا الواقع ليس فيه جنة، ولا نار، ولا بعث، ولا نشور،


هذا مذهب ابن سينا


يسميه ابن القيم إمام الملحدين


كما في إغاثة اللهفان - الجزء الثاني،


وله كتاب الإشارات كلها إلحاد وزندقة،


والنصير الطوسي الذي تسبب في جلب التتار وسقوط بغداد أخذ كتاب الإشارات لابن سينا وأراد أن يلغي القرآن ويجعله بدل القرآن،


فلما لم يوافقه الناس، قال


: هذا كتاب الخواص كتاب الإشارات لابن سينا وهذا قرآن العوام،


وحاول أن يختصر الصلوات الخمس إلى صلاتين،


ويقول ابن سينا عن نفسه: أنا وأبي من دعوة الحاكم العبيدي - دعوة الحاكم العبيدي رافضي خبيث لا يؤمن بالله،


ولا ملائكته ولا رسله، ولا باليوم الآخر، ولا بالقدر.


##


بعض الناس يغتر،


يقول:


ابن سينا فيلسوف الإسلام،


يعتز به، وسمى باسمه مدارس، ومؤلفات. صحيح هو طبيب لا بأس،


له كتاب القانون لا بأس إذا سمي طب أو صيدلة،


لكن ما ينبغي أن يسمى باسم الملحد هذا،


فهو ملحد ليس من الإسلام في شيء،


لكن بعض الناس، وبعض الأدباء، وبعض المذيعين في بعض الإذاعات ما يعرفون حاله، فيغترون به،


يقولون: فلاسفة الإسلام الفارابي وابن سينا نعتز بهم،


هؤلاء ملاحدة زنادقة،


ليسوا من الإسلام في شيء،


أما كونه رجع ما نعلم، لكن كتبه ومؤلفاته في إنكار البعث، ويقول: إن البعث للأرواح، وكتبه موجودة - ككتاب النجاة.






أما كونه رجع فيحتاج إلى دليل، إذا وُجد وثبت أنه رجع وعُرف تاريخه أنه رجع نعم، هذه احتمالات تحتاج إلى دليل، فهذه مؤلفاته الآن واعتقاداته، نسأل الله السلامة والعافية.